ماذا حدث بعد ولادته
وقعت أحداث بعد أن ولد النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة تدل على نبوته
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري :
وَرَوَى يَعْقُوب بْن سُفْيَان بِإِسْنَادٍ حَسَن عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : " كَانَ يَهُودِيّ قَدْ سَكَنَ مَكَّة ، فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَة الَّتِي وُلِدَ فِيهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : يَا مَعْشَر قُرَيْش هَلْ وُلِدَ فِيكُمْ اللَّيْلَة مَوْلُود ؟ قَالُوا : لا نَعْلَم . قَالَ : فَإِنَّهُ وُلِدَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَة نَبِيّ هَذِهِ الأُمَّة ، بَيْن كَتِفَيْهِ عَلامَة ، لا يَرْضَع لَيْلَتَيْنِ لأَنَّ عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنّ وَضَعَ يَده عَلَى فَمه ، فَانْصَرَفُوا فَسَالُوا فَقِيلَ لَهُمْ : قَدْ وُلِدَ لِعَبْدِ اللَّه بْن عَبْد الْمُطَّلِب غُلام ، فَذَهَبَ الْيَهُودِيّ مَعَهُمْ إِلَى أُمّه فَأَخْرَجَتْهُ لَهُمْ ، فَلَمَّا رَأَى الْيَهُودِيّ الْعَلامَة خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَقَالَ : ذَهَبَتْ النُّبُوَّة مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل ، يَا مَعْشَر قُرَيْش أَمَا وَاَللَّه لَيَسْطُوَن بِكُمْ سَطْوَة يَخْرُج خَبَرهَا مِنْ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب " .
قُلْت : وَلِهَذِهِ الْقَصَص نَظَائِر يَطُول شَرْحهَا . وَمِمَّا ظَهَرَ مِنْ عَلامَات نُبُوَّته عِنْد مَوْلِده وَبَعْده مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُثْمَان بْن أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ عَنْ أُمّه أَنَّهَا حَضَرَتْ آمِنَة أُمّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا ضَرَبَهَا الْمَخَاض قَالَتْ : فَجَعَلْت أَنْظُر إِلَى النُّجُوم تَدَلَّى حَتَّى أَقُول لَتَقَعْنَ عَلَيَّ ، فَلَمَّا وَلَدَتْ خَرَجَ مِنْهَا نُور أَضَاءَ لَهُ الْبَيْت وَالدَّار . وَشَاهِده حَدِيث الْعِرْبَاض بْن سَارِيَة قَالَ سَمِعْت رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم يَقُول : " إِنِّي عَبْد اللَّه وَخَاتَم النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَم لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَته ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ : إِنِّي دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيم ، وَبِشَارَة عِيسَى بِي ، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ ، وَكَذَلِكَ أُمَّهَات النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ ، وَإِنَّ أُمّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَأَتْ حِين وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُور الشَّام " أَخْرَجَهُ أَحْمَد وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَالْحَاكِم .
وَفِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةُ عِنْد أَحْمَد نَحْوه . وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي إِسْحَاق عَنْ ثَوْر بْن يَزِيد عَنْ خَالِد بْن مَعْدَان عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم نَحْوه وَقَالَتْ : " أَضَاءَتْ لَهُ بُصْرَى مِنْ أَرْض الشَّام "
وَرَوَى اِبْن حِبَّانَ وَالْحَاكِم فِي قِصَّة رَضَاعه صلى الله عليه وسلم مِنْ طَرِيق اِبْن إِسْحَاق بِإِسْنَادِهِ إِلَى حَلِيمَة السَّعْدِيَّة الْحَدِيث بِطُولِهِ ، وَفِيهِ مِنْ الْعَلامَات كَثْرَة اللَّبَن فِي ثَدْيَيْهَا ، وَوُجُود اللَّبَن فِي شَارِفهَا بَعْد الْهُزَال الشَّدِيد ، وَسُرْعَة مَشْي حِمَارهَا ، وَكَثْرَة اللَّبَن فِي شِيَاههَا بَعْد ذَلِكَ ، وَخِصْب أَرْضهَا ، وَسُرْعَة نَبَاته ، وَشَقّ الْمَلَكَيْنِ صَدْره .
وَهَذَا الأَخِير أَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَنَس " أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبْرِيل وَهُوَ يَلْعَب مَعَ الْغِلْمَان فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ ، فَشَقّ عَنْ قَلْبه ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَة فَقَالَ : هَذَا حَظّ الشَّيْطَان مِنْك ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْت مِنْ ذَهَب بِمَاءِ زَمْزَم ، ثُمَّ جَمَعَهُ فَأَعَادَهُ مَكَانه " الْحَدِيث .
وَفِي حَدِيث مَخْزُوم بْن هَانِئ الْمَخْزُومِيّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسُونَ وَمِائَة سَنَة قَالَ : لَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَة الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم اِنْكَسَرَ إِيوَان كِسْرَى وَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَع عَشْرَة شُرَّافَة ، وَخَمَدَتْ نَار فَارِس وَلَمْ تُخْمَد قَبْل ذَلِكَ بِأَلْفِ عَام ، وَغَاضَتْ بُحَيْرَة سَاوَة ، وَرَأَى الموبذان إِبِلا صِعَابًا تَقُود خَيْلا عِرَابًا قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَة وَانْتَشَرَتْ فِي بِلادهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى أَفْزَعَهُ مَا وَقَعَ ، فَسَأَلَ عُلَمَاء أَهْل مَمْلَكَته عَنْ ذَلِكَ فَأَرْسَلُوا إِلَى سَطِيح فَذَكَرَ الْقِصَّة بِطُولِهَا أَخْرَجَهَا اِبْن السَّكَن وَغَيْره فِي " مَعْرِفَة الصَّحَابَة " .( )
ويقول الكاتب جيورجيو في دراسته حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستدلال معاصريه بأنه سيكون الرسول المرتقب :
( والأمر المسلم به أن العرب - في الماضي - لم يدهشوا من ولادة نبي ، لأن مثل هذا الأمر حصل في بعض أنحاء جزيرتهم قبلاً . حتى آمنة ، لم يبد عليهاً العجب ، فقد روي أنها سمعت أن ابنها نبي ، فلم تندهش لهذه البشرى ، لأن أرض العرب ، لم تكن أرضاً منجبة للأنبياء وحسب ، بل كانت مهاداً لأفراد خاطبوا الله تعالى ، بل إن كل أنبياء الجزيرة خاطبوا ربهم ) ( )